الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وفيمن زينه لهم قولان:أحدهما: الشيطان.الثاني: أنفسهم.{وَاتَّبَعُواْ أَهواءَهُم} فيه قولان:أحدهما: أنه نعت لمن زين له سوء عمله.الثاني: أنهم المنافقون. قاله ابن زيد.قوله عز وجل: {وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} هم المنافقون: عبد الله بن أُبيّ بن سلو ل. ورفاعة بن التابوت. وزيد بن الصليت. والحارث بن عمرو. ومالك بن الدخشم. وفيما يستمعونه قولان:أحدهما: أنهم كانوا يحضرون الخطبة يوم الجمعة فإذا سمعوا ذكر المنافقين فيها أعرضوا عنه. فإذا خرجوا سألوا عنه. قاله الكلبي ومقاتل.الثاني: أنهم كانوا يحضرون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم مع المؤمنين. فيسمعون منه ما يقول. فيعيه المؤمن ولا يعيه المنافق.{حَتَّى إِذا خَرَجُواْ مِن عِندِكَ} أي من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.{قالواْ لِلَّذِينَ أوتُواْ الْعِلْمَ} فيهم أربعة أقاويل:أحدها: أنه عبد الله بن عباس. قاله عكرمة.الثاني: عبد الله بن مسعود. قاله عبد الله بن بريدة.الثالث: أبو الدرداء. قاله القاسم بن عبد الرحمن.الرابع: أنهم الصحابة. قاله ابن زيد.{مَاذَا قال ءَانِفًا} هذا سؤال المنافقين للذين أُوتوا العلم إذا خرجوا من عند النبي صلى الله عليه وسلم. وفيه وجهان:أحدهما: يعني قريبًا.الثاني: مبتدئًا.وفي مقصودهم بهذا السؤال وجهان:أحدهما: الإستهزاء بما سمعوه.الثاني: البحث عما جهلوه.قوله عز وجل: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} فيه ثلاثة أوجه:أحدها: أن الإستهزاء زاد المؤمنين هدى. قاله الفراء.الثاني: أن القرآن زادهم هدى. قاله ابن جريج.الثالث: أن الناسخ والمنسوخ زادهم هدى. قاله عطية.وفي الهدى الذي زادهم أربعة أقاويل:أحدها: زادهم علمًا. قاله الربيع بن أنس.الثاني: علموا ما سمعوا. وعلموا بما عملوا. قاله الضحاك.الثالث: زادهم بصيرة في دينهم وتصديقًا لنبيهم. قاله الكلبي.الرابع: شرح صدورهم بما هم عليه من الإيمان.ويحتمل خامسًا: والذين اهتدوا بالحق زادهم هدى للحق.{وَءَاتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} فيه خمسة أوجه:أحدها: اتاهم الخشية. قاله الربيع.الثاني: ثواب تقواهم في الآخرة. قاله السدي.الثالث: وفقهم للعمل الذي فرض عليهم. قاله مقاتل.الرابع: بين لهم ما يتقون. قاله ابن زياد.الخامس: أنه ترك المنسوخ والعمل بالناسخ. قاله عطية.قوله عز وجل: {فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأتِيَهُم بَغْتَةً} أي فجأة.{فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} فيه أربعة أقاويل:أحدها: أشراطها آياتها. قاله ابن زيد.الثاني: أوائلها. قاله ابن عباس.الثالث: أنه انشقاق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قاله الحسن.الرابع: ظهور النبي. قاله الضحاك. قال الضحاك لأنه آخر الرسل وأمته آخر الأمم. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بُعِثْتُ وَالسَّاعَة كَهَاتِينِ» وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى.{فَأَنَّى لَهُمْ} قال السدي: معناه فكيف لهم النجاة.{إذَا جَاءَتْهُمْ ذِكرَاهُمْ} فيه وجهان:أحدهما: إذا جاءتهم الساعة. قاله قتادة.الثاني: إذا جاءتهم الذكرى عند مجيء الساعة. قاله ابن زيد.وفي الذكرى وجهان:أحدهما: تذكيرهم بما عملوه من خير أوشر.الثاني: هودعاؤهم بأسمائهم تبشيرًا أوتخويفًا. روى أبان عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أَحْسِنُواْ أَسْمَاءَكُم فَإِنَّكُم تُدْعَوْنَ بِهَا يَوْمَ القِيَامَةِ. يَا فلان قُمْ إِلَى نُورِكَ. يَا فلان قُمْ فَلاَ نُورَ لَكَ».قوله عز وجل: {فَاعلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ} وفي- وإن كان الرسول صلى الله عليه وسلم عالمًا به- ثلاثة أوجه:أحدها: يعني اعلم أن الله أعلمك أن لا إله إلا الله.الثاني: ما علمته استدلالًا فاعلمه خبرًا يقينًا.الثالث: يعني فاذكر أن لا إله إلا الله. فعبر عن الذكر بالعلم لحدوثه عنه.{وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} يحتمل وجهين:أحدهما: يعني استغفر الله أن يقع منك ذنب.الثاني: استغفر الله ليعصمك من الذنوب.{وللْمُؤمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} أي استغفر لهم ذنوبهم.{وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} يحتمل وجهين:أحدهما: متقلبكم في أسفاركم. ومثواكم في أوطانكم.الثاني: متقلبكم في أعمالكم نهارًا ومثواكم في ليلكم نيامًا. اهـ.
.قال ابن الجوزي: سورة محمد صلى الله عليه وسلم:قوله تعالى: {الذين كَفَروا} أي: بتوحيد الله {وصَدُّوا} الناس عن الإِيمان به. وهم مشركوقريش. {أَضَلَّ أعمالَهم} أي: أبطلها. ولم يجعل لها ثوابًا. فكأنَّها لم تكن؛ وقد كانوا يُطْعِمُون الطَّعامَ. ويَصِلون الأرحام. ويتصدّقون. ويفعلون ما يعتقدونه قُرْبَةً.{والذين آمنوا وعملوا الصالحات} يعني: أصحاب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.{وآمنوا بما نُزِّل على محمد} وقرأ ابن مسعود {نَزَّلَ} بفتح النون والزَّاي وتشديدها.وقرأ أُبيُّ بن كعب. ومعاذ القارىء: {أُنْزِلَ} بهمزة مضمومة مكسورة الزَّاي.وقرأ أبورزين. وأبو الجوزاء. وأبوعمران: {نَزَلَ} بفتح النون والزاي وتخفيفها. {كَفَّر عنهم سيِّئاتِهم} أي: غفرها لهم {وأصْلَحَ بالَهم} أي: حالَهم. قاله قتادة. والمبرِّد.قوله تعالى: {ذلك} قال الزجاج: معناه: الأمرُ ذلك. وجائز أن يكون: ذلك الإِضلال. لاتِّباعهم الباطل. وتلك الهداية والكفّارات باتِّباع المؤمنين الحقَّ. {كذلك يَضْرِبُ اللهُ للناس أمثالَهم} أي: كذلك يبيِّن أمثال حسنات المؤمنين وسيِّئات الكافرين كهذا البيان.قوله تعالى: {فضَرْبَ الرِّقابِ} إِغراءُ؛ والمعنى: فاقتُلوهم. لأن الأغلب في موضع القتل ضربُ العُنق {حتى إَذا أثْخَنْتموهم} أي: أكثرتُم فيهم القتل {فشُدُّوا الوَثاقَ} يعني في الأسر؛ وإِنما يكون الأسر بعد المبالغة في القتل.و{الوَثاق} اسم من الإِيثاق؛ تقول: أوثقتُه إِيثاقًا ووثاقًا. إِذا شددتَ أسره لئلا يُفْلِت {فإمّا مَنًّا بَعْدُ} قال أبو عبيدة: إِمّا أن تُمنُّوا وإِمّا أن تفادوا. ومثلُه سَقْيًا. ورَعْيًا. وإِنما هو سُقِيتَ ورُعِيتَ.وقال الزجاج: إِمَّا منَنَتُم عليهم بعد أن تأسِروهم مَنًّا. وإِمّا أطلقتُموهم بِفِداء.فصل:وهذه الآية محكَمة عند عامَّة العلماء.وممَّن ذهب إِلى أنَّ حُكم المَنِّ والفداء باقٍ لم يُنْسَخ: ابنُ عمر. ومجاهدٌ. والحسنُ. وابنُ سيرين. وأحمدُ. والشافعيُّ.وذهب قوم إلى نسخ المَنِّ والفداء بقوله: {فاقْتُلوا المشركين حيثُ وجدتموهم}. وممن ذهب إلى هذا ابن جريج. والسدي وأبو حنيفة.وقد أشرنا إِلى القولين في [براءة: 5].قوله تعالى: {حتَّى تَضَعَ الحربُ أوزارَها} قال ابن عباس: حتى لا يبقى أحد من المشركين.وقال مجاهد: حتى لا يكون دِينُ إِلاّ دين الإِسلام.وقال سعيد بن جبير: حتى يخرُج المسيح.وقال الفراء: حتى لا يبقى إلاّ مُسْلِم أو مسالِم.وفي معنى الكلام قولان:أحدهما: حتى يضعَ أهلُ الحرب سلاحَهم؛ قال الأعشى:وأصل {الوِزْرِ} ما حملته. فسمّى السلاح {أوزارًا} لأنه يُحْمل. هذا قول ابن قتيبة.والثاني: حتى تضعَ حربُكم وقتالكم أوزارَ المشركين وقبائح أعمالهم بأن يُسْلِموا ولا يعبُدوا إِلاَّ الله. ذكره الواحدي.قوله تعالى: {ذلك} أي: الأمر ذلك الذي ذَكَرْنا {ولويشاء اللهُ لأنتَصَر منهم} بإهلاكهم أوتغذيتهم بما شاء {ولكنْ} أمركم بالحرب {لِيَبْلُوبعضَكم ببعض} فيُثيب المؤمن ويُكرمه بالشهادة. ويُخزي الكافر بالقتل والعذاب.قوله تعالى: {والذين قُتِلُوا} قرأ أبو عمرو. وحفص عن عاصم: {قٌتِلُوا} بضم القاف وكسر التاء؛ والباقون: {قاتَلُوا} بألف.قوله تعالى: {سيَهدِيهم} فيه أربعة أقوال:أحدها: يَهديهم إِلى أرشد الأمور. قاله ابن عباس.والثاني: يحقق لهم الهداية. قاله الحسن.والثالث: إِلى مُحاجَّة منكَر ونكير.والرابع: إِلى طريق الجنة. حكاهما الماوردي.وفي قوله: {عرَّفها لهم} قولان:أحدهما: عرَّفهم منازلهم فيها فلا يستدِلُّون عليها ولا يُخطِئونها. هذا قول الجمهور. منهم مجاهد وقتادة. واختاره الفراء. وأبو عبيدة.والثاني: طيَّبها لهم. رواه عطاء عن ابن عباس.قال ابن قتيبة: وهو قول أصحاب اللغة يقال: طعامٌ معرَّف. أي: مطيَّب.وقرأ أبو مجلز. وأبو رجاء وابن محيصن: {عَرَفَها لهم} بتخفيف الراء.قوله تعالى: {إِن تنصُروا اللهَ} أي: تنصُروا دينه ورسوله {ينصُرْكم} على عدوِّكم {ويثبِّتْ أقدامكم} عند القتال.وروى المفضل عن عاصم: {ويُثْبِتْ} بالتخفيف.{والذين كَفَروا فتَعْسًا لهم} قال الفراء: المعنى: فأتْعَسَهم اللهُ. والدُّعاء قد يجري مَجرى الأمر والنهي.قال ابن قتيبة: هو من قولك: تَعَسْتُ. أي: عَثَرْتُ وسَقَطْتُ.وقال الزجاج: التَّعْسُ في اللغة: الأنحطاط والعُثُور.وما بعد هذا قد سبق بيانه [الكهف: 105] [يوسف: 109] إِلى قوله: {دمَّر اللهُ عليهم} أي: أهلكم اللهُ {وللكافرين أمثالُها} أي: أمثالُ تلك العاقبة.{ذلك} الذي فعله بالمؤمنين من النصر. وبالكافرين من الدَّمار {بأنَّ اللهَ مولى الذين آمنوا} أي: وليهم.وما بعد هذا ظاهر إِلى قوله: {ويأكُلون كما تأكُل الأنعامُ} أي: إِن الأنعام تأكُل وتشرب. ولا تَدري ما في غدٍ. فكذلك الكفار لا يلتفتون إِلى الآخرة.والمَثْوىَ: المَنْزِل.{وكأيِّن} مشروح في [آل عمران: 146].والمراد بقريته مكة؛ وأضاف القوة والآخراج إِليها. والمراد أهلُها ولذلك قال: {أهلَكْناهم}.قوله تعالى: {أفَمَن كان على بيِّنة من ربِّه} فيه قولان.أحدهما: أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. قاله أبو العالية.والثاني: أنه المؤمن. قاله الحسن.وفي {البيِّنة} قولان.أحدهما: القرآن. قاله ابن زيد.والثاني: الدِّين. قاله ابن السائب.{كمَنْ زُيِّن له سوءُ عمله} يعني عبادة الأوثان. وهو الكافر {واتَّبَعوا أهواءَهم} بعبادتها.{مَثَلُ الجَنَّةِ التي وعد المتقون} أي: صِفَتُها وقد شرحناه في [الرعد: 35].و{المتَّقون} عند المفسرين: الذين يَتَّقون الشِّرك.و{الاسِن} المتغيِّر الرِّيح. قاله أبو عبيدة. والزجاج.وقال ابن قتيبة: هو المتغير الرِّيح والطَّعم والاجِن نحوه.وقرأ ابن كثير {غيرِ أسِنٍ} بغير مد.وقد شرحنا قوله: {لَذَّةٍ للشّارِبين} في [الصافات: 46].قوله تعالى: {من عسلٍ مُصَفّىً} أي: من عسل ليس فيه عكر ولا كدر كعسل أهل الدنيا.قوله تعالى: {كمَنْ هو خالدٌ في النار} قال الفراء: أراد مَنْ كان في هذا النعيم. كمن هو خالد في النار؟!.قوله تعالى: {ماءً حميمًا} أي: حارا شديد الحرارة.
|